الثلاثاء، 14 مارس 2023

كشف التحريفات (٤٣): تحريف كلام ابن عباس في أن عائشة لا تطيب نفسها بخير لأمير المؤمنين عليه السّلام

بسم الله الرحمن الرحيم
كشف التحريفات (٤٣): تحريف كلام ابن عباس في أن عائشة لا تطيب نفسها بخير لأمير المؤمنين

روى الحافظ عبد الرزَّاق الصنعاني في (المصنَّف) رواية تُبيِّنُ موقف عائشة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ومدى حقدها عليه، قال [1]: (عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أسماء بنت عميس، قالت: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيت ميمونة، فاشتد مرضه حتى أغمي عليه قال: فتشاور نساؤه في لَدِّهِ فلَدُّوه، فلما أفاق قال: «هذا فعل نساء جئن من هاهنا» وأشار إلى أرض الحبشة، وكانت أسماء بنت عميس فيهن قالوا: كنا نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله. قال: «إن ذلك لداء ما كان الله ليقذفني به، لا يبقين في البيت أحد إلا التد إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلّم» ـ يعني عباساً ـ قال: فلقد التدت ميمونة يومئذٍ وإنها لصائمة لعزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة أخبرته، قالت: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيت ميمونة فاستأذن أزواجه أن يُمَرَّضَ في بيتي فأَذِنَّ له، قالت: فخرج ويدٌ له على الفضل بن عباس، ويد أخرى على يد رجل آخر، وهو يخطُّ برجليه في الأرض.
فقال عبيد الله: فحدثت به ابن عباس، فقال: «أتدري من الرجل الذي لم تُسَمِّ عائشة؟ هو علي بن أبي طالب، ولكن عائشة لا تطيب لها نفساً بخير»).

وروى أحمد بن حنبل في مسنده هذه الرواية عن عبد الرزاق أيضاً، قال [2]: (حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، قال: قال الزهري، وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عائشة أخبرته قالت: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيت ميمونة، فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتها، فأذِنَّ له قالت: فخرج، ويد على الفضل بن عباس، ويد على رجل آخر، وهو يخطُّ برجليه في الأرض. قال عبيد الله: فحدثت به ابن عباس، فقال: أتدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ هو علي، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً).

وقد روى هذه الرواية مسلم في صحيحه عن عبد الرَّزاق الصنعاني بواسطة شيخه مُحمَّد بن رافع، وقد حُذِفَ كلامُ ابن عباس في إشارته إلى بغض عائشة للإمام عليه السّلام.
روى مسلم في صحيحه [3]: (حدثنا محمد بن رافع، وعبد بن حميد -واللفظ لابن رافع- قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: قال الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة ݣ أخبرته قالت: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيت ميمونة فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتها فأذِنَّ له قالت: فخرج ويد له على الفضل بن عباس ويد له على رجل آخر، وهو يخط برجليه في الأرض. فقال عبيد الله: فحدثت به ابن عباس فقال: «أتدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ هو علي رضي الله عنه»).

فحُذِفتْ عبارة ابن عباس رحمه الله الدالة على أنَّ عائشة لا تطيب نفسها بخيرٍ لأمير المؤمنين عليه السّلام، وأنّ حقدها عليه يدفعها لكي لا تذكره بخيرٍ ولو كان أمراً هيناً. وليُلاحظ أنّ رواية شيخ مسلم مأخوذة من عبد الرزاق الصنعاني بنفس الإسناد.

ومن الموارد الأخرى لتحريف هذه الرواية ما جاء في كتاب (الأسماء المبهمة)، حيث روى الخطيب البغداديّ هذا الخبر عن عبد الرزاق الصنعانيّ أيضاً، وقد حُذِفت تلك العبارة من الرواية، قال [4]: (أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الدبريّ، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنّ عائشة رضي الله عنها أخبرته، قالت: أوّل ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بيت ميمونة فاستأذن أزواجه أن يُمرَّضَ في بيتي فأذِنَّ له، قالت: فخرج ويدٌ له على الفضل بن عباس ويدٌ على رجلٍ آخر وهو يخطُّ برجليه الأرض.
قال عبد الله [5]: فحدّثتُ ابن عباس، فقال: أتدري من الرجل الذي لم تُسَمِّ عائشة؟ هو عليٌّ).
واللّافتُ للنظر في المقام: أنّ رواية الخطيب البغداديّ عن عبد الرّزاق قد جاءت من طريق إسحاق بن إبراهيم الدّبري، وقد حُذِفت منها تلك العبارة، في حين أنّنا وقفنا على العبارة في مصنّف عبد الرزاق، والمصنّف مرويٌّ من طريق الدبريّ نفسه [6]!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مصنف عبد الرزاق الصنعاني، ج5، ص 78-79، رقم الحديث10497.
[2] مسند أحمد بن حنبل، ج43، ص86-87، رقم الحديث 25914.
[3] صحيح مسلم، ج2، ص170-171، رقم الحديث 411.
[4] الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة، ص463.
[5] كذا في المطبوع، والظاهر أنّه تصحيف، صوابه: (عبيد الله) وهو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة راوي الحديث عن عائشة.
([6]) قال الحافظ الذهبي في ترجمة الدبريّ: (الشيخ، العالم، المسنِد، الصدوق، أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد الصنعاني الدبري: راوية عبد الرزاق، سمع تصانيفه منه في سنة عشر ومئتين باعتناء أبيه به، وكان حَدَثاً، فإن مولده - على ما ذكره الخليلي - في سنة خمس وتسعين ومئة، وسماعه صحيح)، انظر: سير أعلام النبلاء، ج13، ص416.

كشف التحريفات (٦٩): تحريف كتاب «الروض الندي، شرح كافي المبتدي» بحذف توسل المؤلف بالنبيِّ (ص)

بسم الله الرحمن الرحيم كشف التحريفات (٦٩): تحريف كتاب «الروض الندي، شرح كافي المبتدي» بحذف توسل المؤلف بالنبيِّ (ص) قال الشيخ أحمد بن عبد ال...