بسم الله الرحمن الرحيم
كشف التحريفات (٤٠): تحريف رواية تبين سوء عاقبة الصحابي سمرة بن جندب
روى الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه (المسند)[1]: (نا الحسن بن سفيان، قال: نا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، قال: نا أوس بن خالد، قال: كنت إذا نزلت على سمرة بن جندب سألني عن أبي محذورة، وإذا قدمت على أبي محذورة سألني عن سمرة بن جندب، فقلت لأبي محذورة: ما شأنك إذا قدمت عليك سألتني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عنك؟ فقال أبو محذورة: كنت أنا وأبو هريرة وسمرة في بيت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بعضادتي الباب، فقال: «آخركم موتاً في النار»، قال: فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم مات سمرة..إلخ).
وروى الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي في كتابه (المعرفة والتاريخ)[2]: (ثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد قال: كنت إذا قدمت على أبي محذورة سألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عن أبي محذورة، فقلت لأبي محذورة: مالك إذا قدمت عليك تسألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عنك؟ فقال: إنِّي كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيت فجاء النبي ﷺ، فقال: آخركم موتاً في النار. قال: فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم مات سمرة).
وهذه الرواية تُظهر أنَّ الصحابيين أبا محذورة وسمرة بن جندب قد أخبرهما النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنَّ آخرهما موتاً سيكون في النار، ولذلك كانا على خوفٍ ووجلٍ شديدين من هذه العاقبةِ السيِّئةِ، ويظهر من نهاية الرواية أنَّ الصحابي سمرة بن جندب هو صاحب العاقبة السيئة، إذ كان آخرهم موتاً، وهي بذلك تبين سوء حال سمرة بن جندب والذي كان في حياته يبيعُ الخمر كما أشرنا لذلك فيما تقدَّم.
ومع ذلك، أصرّ بعض المحرّفين على تحريف الحقائق وتغييبها، فعمدوا إلى تحريف هذه الرواية بإبهام اسم سمرة بن جندب، فقد روى الحافظ الطبراني في كتابه (المعجم الكبير)[3]: (حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد، قال: كنت إذا قدمت على أبي محذورة سألني عن رجل، وإذا قدمت على الرجل سألني عن أبي محذورة، فقلت لأبي محذورة: إذا قدمت عليك سألتني عن فلان، وإذا قدمت عليه سألني عنك؟ فقال: كنت أنا وأبو هريرة وفلان في بيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «آخركم موتاً في النار» فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم مات الرجل).
وقد تعرضت الرواية السابقة إلى تحريفٍ آخر، فقد روى البخاريُّ في كتابه (التاريخ الأوسط)[4]: (حدثنا حجاج، قال: حدَّثنا حماد، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد: كنت إذا إذا قدمت على أبي محذورة سألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عن أبي محذورة، فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم مات سمرة).
ويُلاحظ أنَّ الرواية خالية من سياق الحديث المتعلق بكلام النبي صلى الله عليه وآله عن مصير سمرة بن جندب وسوء عاقبته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المسند، ج2، ص329، رقم الحديث 827.
[2] المعرفة والتاريخ، ج3، ص458 – 459.
[3] المعجم الكبير، ج7، ص177، رقم الحديث 6748.
[4] التاريخ الأوسط، ج1، ص690، رقم الحديث 404.