بسم الله الرحمن الرحيم
كشف التحريفات (١٩): تحريف البخاري رواية شتم أحد الولاة الأمويين لأمير المؤمنين (ع)
روى مسلم في صحيحه (ج٦، ص٢٥٧، رقم الحديث ٢٤٨٨): (حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: استعمل على المدينة رجل من آل مروان قال: فدعا سهل بن سعد، فأمره أن يشتم علياً، قال: فأبى سهل، فقال له: أما إذ أبيت فقل: لعن الله أبا التراب. فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب، وإن كان ليفرح إذا دُعِيَ بها، فقال له: أخبرنا عن قصته، لم سمي أبا تراب؟ قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة، فلم يجد علياً في البيت، فقال «أين ابن عمك؟» فقالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: «انظر، أين هو؟» فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه ويقول: «قم أبا التراب، قم أبا التراب»).
وهذه الرواية تؤكِّدُ على أنَّ سب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كان معمولاً به عند ولاة بني أمية، وقد روى البخاري هذه الرواية في صحيحه، وحذف صدرها المتعلق بشتم أمير المؤمنين (عليه السلام)، والرواية عند مسلم والبخاري بنفس الإسناد (!!).
قال البخاري: (حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت، فقال: «أين ابن عمك؟» قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: «انظر أين هو؟» فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: «قم أبا تراب، قم أبا تراب»)، انظر: صحيح البخاري، ج١، ص١٩١، باب نوم الرجال في المسجد، رقم الحديث ٤٤١.
وكرره بهذا النحو في موردٍ آخر من صحيحه (صحيح البخاري، ج٤، ص٤٦٣، باب القائلة في المسجد، رقم الحديث ٦٢٨٠)، وفي كلا الموردين حذف صدر الرواية الذي يشير إلى سب أمير المؤمنين (عليه السلام)، مع أنّ مسلم والبخاري يرويان الخبر بنفس الإسناد، فلاحظ.
ثُمّ إنه رواه عن شيخٍ آخر بنفس الإسناد السّابق، ولكن بصيغةٍ أخرى من التحريف، ولفظ الرواية عنده: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان – لأمير المدينة – يدعو عليّاً عند المنبر، قال: فيقولُ ماذا؟ قال: يقول له: أبو تراب، فضحك..إلخ)، انظر: صحيح البخاري، ج٣، ص١٧١، باب مناقب علي بن أبي طالب، رقم الحديث ٣٧٠٣.
فنجدُ في هذا الخبر تحريفاً فاحشاً، حيثُ أُخفي الأمر بشتم أمير المؤمنين (عليه السلام) ولعنه، بل إنّ المعنى قد تغيّر بشكلٍ كبيرٍ، فإنّه وفقاً لرواية مسلم كان الوالي الأمويّ يدعو إلى لعن أمير المؤمنين بقول (لعن الله أبا التراب)، أما في رواية البخاريّ فإنّ اللعن قد حُذِفَ، ثم صيغت العبارة على أنّ الوالي ينبزُ الإمام بهذا اللقب!
الرواية في صحيح مسلم (قبل التحريف)
الرواية في صحيح البخاري (بعد التحريف)