بسم الله الرحمن الرحيم
كشف التحريفات (٤٧): تحريف رواية تبين تطاول عثمان بن عفان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)
روى مسلم في صحيحه [1]: (حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي يأمر بها، فقال عثمان لعليّ كلمة، ثم قال علي: «لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» فقال: أجل، ولكنا كنا خائفين).
وروى أحمد بن حنبل في مسنده [2]: (حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وعلي يأمر بها، فقال عثمان لعليّ قولاً، ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: أجل، ولكنا كنا خائفين).
وروى في مسنده أيضاً [3]: (حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: قال عبد الله بن شقيق كان عثمان ينهى عن المتعة، وعلي يأمر بها، فقال عثمان لعليّ: إنك كذا وكذا. ثم قال عليّ: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أجل، ولكنا كنا خائفين).
تشيرُ هذه الروايات إلى الخلاف بين أمير المؤمنين عليه السّلام وعثمان بن عفان حول متعة الحجّ، حيث كان الإمام علي عليه السّلام متمسكاً بسنة رسول الله صلّى الله عليه وآله في هذا الأمر، ولم يأبه لنهي عثمان عنها في زمن خلافته، وتذكر هذه الروايات الحوار الذي دار بينهما، وفي سياق الحديث يبدو أنّ عثمان وجَّهَ لأمير المؤمنين عليه السّلام كلاماً لم يرغب الرواة في ذكره فعبَّروا عنه بألفاظ مختلفة، نحو: (إنّك كذا وكذا)، (فقال عثمان لعلي قولاً) (فقال عثمان لعلي كلمة) ولم يبينوا ما هي الـ(كذا وكذا).
ومثل هذه التعابير في رواياتهم توحي بوجود إبهامٍ يرفضون الإفصاح عن حقيقته[4]، ولذلك لم يوضحوا ما هو القول، ولم يذكروا ما هي الكلمة، ولكن ظهر المستور في روايةٍ أخرى، فقد روى إسحاق بن راهويه هذه الرواية في مسنده، فقال[5]: (أخبرنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يقول: أنبأنا أبو نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد - وهو مالك بن ربيعة - قال: إن عثمان بن عفان رضي الله عنه نهى عن العمرة في أشهر الحج أو عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فأهل بها علي مكانه فنزل عثمان رضي الله عنه عن المنبر فأخذ شيئاً فمشى به إلى علي رضي الله عنه [فقام طلحة والزبير رضي الله عنهما فانتزعاه منه فمشى إلى علي رضي الله عنه] فكاد أن ينخس عينه بإصبعه، ويقول له: «إنك لضالٌّ مُضِلٌّ»، ولا يرد علي رضي الله عنه عليه شيئاً).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم، ج3، ص473-474، رقم الحديث 1236.
[2] مسند أحمد بن حنبل، ج1، ص487، رقم الحديث 432.
[3] مسند أحمد بن حنبل، ج2، ص151، رقم الحديث 756.
[4] وقد حُذِفَ هذا التعبيرُ أيضاً في رواية أبي نعيم الأصفهاني لهذا الحديث من طريق ابن حنبل، قال أبو نعيم: (ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر ح، وثنا أبو محمد بن حيّان، ثنا أبو معشر الدارميّ، ثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا خالد بن الحارث، قالا: ثنا شعبة، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، قال: كان عثمان ينهى عن المتعة، وعليٌّ يأمر بها، ثم قال عليّ: «قد علمت أنّا قد تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: أجل، ولكنّا كُنّا خائفين»، لفظُ غندر) [المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم، ج3، ص322، رقم الحديث 2836]، وقد مرّت رواية أحمد بلفظ غندر (وهو: محمد بن جعفر)، وقد جاءت فيها تلك التعابير التي تشيرُ إلى وجود عباراتٍ مبهمة، ثُمّ حُذفت في رواية أبي نعيم!
[5] انظر: المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية، ج10، ص44، رقم الحديث 2136. وأيضاً: إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، ج5، 66، رقم الحديث 4240.