بسم الله الرحمن الرحيم
كشف التحريفات (٢٤): تحريف الدكتور الصلابي لخبر تهديد عمر للسيدة الزهراء (عليها السلام) بإحراق البيت عليها
روى ابن أبي شيبة في مصنّفه: (حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال: «يا بنت رسول الله والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك، وما من الخلق أحد أحب إلينا بعد أبيك منك، وايم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يُحَرَّقَ عليهم البيت» قال: فلما خرج عمر جاؤوها فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وايم الله ليمضين لما حلف عليه، فانصرفوا راشدين، فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي. فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر)، انظر: مصنف ابن أبي شيبة، ج٢٠، ص٥٧٩، رقم الحديث ٣٨٢٠٠.
وهذه الرواية احتجّ بها الدكتور علي الصلابي في بعض كتبه، ولكنّه ادَّعى أن مقطع التهديد ليس من الرواية بل هو من «أكاذيب الرافضة» رغم أنَّ المقطع الذي يشير للتهديد موجود في نفس الرواية التي احتجَّ بها، قال الدكتور الصلابي في كتابه (أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ص١٨٧): (عن أسلم العدوي، قال: لما بويع لأبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان عليٌّ والزبير بن العوام يدخلان على فاطمة فيشاورانها، فبلغ عمر، فدخل على فاطمة فقال: «يا بنت رسول الله ما أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك، وما أحد من الخلق بعد أبيك أحب إلينا منك، وكلمها»، فدخل عليٌّ والزبير على فاطمة فقالت: «انصرفا راشدين»، فما رجعا إليها حتى بايعا.
وهذا هو الثابت الصحيح والذي مع صحة سنده ينسجم مع روح ذلك الجيل وتزكية الله له، وقد زاد الروافض في هذه الرواية واختلفوا إفكاً وبهتاناً وزوراً، وقالوا بأنّ عمر قال: «إذا اجتمع عندك هؤلاء النفر أن أحرق عليهم هذا البيت»؛ لأنهم أرادوا شق عصا المسلمين بتأخرهم عن البيعة، ثم خرج عنها، فلم يلبث أن عادوا إليها، فقالت لهم: «تعلمون أن عمر جاءني وحلف بالله لئن أنتم عدتم إلى هذا البيت ليحرقنه عليكم، وايم الله إنه ليصدقن فيما حلف عليه، فانصرفوا عني فلا ترجعوا إليَّ» ففعلوا ذلك، ولم يرجعوا إليها إلا بعدما بايعوا. وهذه القصة لم تثبت عن عمر رضي الله عنه، ودعوى أن عمر -رضي الله عنه- همَّ بإحراق بيت فاطمة من أكاذيب الرافضة)، انتهى كلام الدكتور الصلابيّ.
وقد عزا الرواية التي احتجَّ بها في صدر كلامه إلى مصنف ابن أبي شيبة، في حين أنَّ الروايةَ التي كذَّبَها وزعم أنها من اختلاق الشيعة هي مقطعٌ من نفس الرواية التي احتجَّ بها ونقلها من كتاب «المصنَّف»، فيا لهذه الجرأة على الكذب والتحريف، كيف تكونُ رواية واحدة من نفس الكتاب، شطرٌ منها سنده صحيح، وشطر منها من كذب الرافضة!