بسم الله الرحمن الرحيم
نهي عمر بن الخطّاب عن متعة الحجّ
دلّت الآثار الصحيحة عند الفريقين أنّ بعض الصّحابة قاموا بالعبث بشريعة سيّد المرسلين (صلّى الله عليه وآله) وفقاً لآرائهم واستحساناتهم، وقد جرى بعض الخلفاء على هذه السّيرة فغيّروا جملةً من الأحكام الشرعيّة، وهذا من الابتداع المنهيّ عنه؛ فإنّ كل بدعة في النّار.
ومن البدع التي ابتدعها الخليفة الثّاني عمر بن الخطاب نهيُه عن متعة الحجّ كما ثبت ذلك في الصّحيحين وغيرهما، وإليك بعض هذه الدلائل:
1- حديث عبد الله بن عبّاس.
روى النسائي في سننه عن ابن عباس: (سمعت عمر، يقول: «والله إني لأنهاكم عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم» يعني العمرة في الحج).
قال الشيخ الألبانيّ: (صحيح الإسناد)، انظر: صحيح سنن النسائي، ج2، ص268، رقم الحديث 2735.
وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعيّ بعد أن نقله عن النسائي: (الحديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، إلا محمد بن علي شيخ النسائي وهو ثقة)، انظر: الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين، ج2، ص390-391، رقم الحديث 1349.
وقال الحافظ ابن كثير الدمشقيّ فيه: (إسناد جيّد)، انظر: البداية والنهاية، ج7، ص459-460.
2- حديث عمر بن الخطّاب.
روى مسلم في صحيحه بإسناده عن عن إبراهيم بن أبي موسى، عن أبي موسى، أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النُّسُك بعدُ، حتى لقيه بعد فسأله، فقال عمر: «قد علمتُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلوا مُعَرِّسين بهنَّ في الأراك، ثم يروحون في الحجِّ تقطر رؤوسهم».
انظر: صحيح مسلم، ج3، ص473، رقم الحديث 1235 (ط. دار التأصيل).
قلت: وهذا يدلّ على أنّ هذا الابتداع منشؤه الاستحسان والهوى، وإلّا فإنّ الدين ليس تابعاً لكراهةٍ أحدٍ أو ذوقه ورأيه.
3- حديث عمران بن حصين.
روى البخاريّ في صحيحه بإسناده عن عمران بن حصين أنّه قال: «أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجلٌ برأيه ما شاء».
انظر: صحيح البخاري، ج3، ص475، رقم الحديث 4518 (ط. الرسالة).
وروى مسلم في صحيحه عن مطرف، قال: بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه، فقال: «إني كنت محدثك بأحاديث، لعل الله أن ينفعك بها بعدي، فإن عشت فاكتم عني، وإن مت فحدث بها إن شئت، إنه قد سُلِّمَ عليَّ، واعلم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب الله، ولم ينه عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال رجل فيها برأيه ما شاء».
انظر: صحيح مسلم، ج3، ص477، رقم الحديث 1240/4.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، انظر: مسند أحمد بن حنبل، ج33، ص77، رقم الحديث 19841.
وروى مسلم في صحيحه عن عمران بن حصين أيضاً، قال: «نزلت آية المتعة، في كتاب الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، قال رجل برأيه بعدُ ما شاء».
انظر: صحيح مسلم، ج3، ص478، رقم الحديث 1240/8.