الأربعاء، 26 أغسطس 2020

سبّ ولاة بني أمية أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) على المنابر وبيان بعض أهدافهم من ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم
سبّ ولاة بني أمية أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) على المنابر وبيان بعض أهدافهم من ذلك

لا تخفى على الناظر في كتب الحديث والتاريخ الإسلامي كثرة الشواهد المعتبرة التي تثبت قيام بني أمية وولاتهم في الأمصار الإسلامية بسبّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، وقد ذكرنا شواهد متعددة في هذه المدونة فلتُراجع، ونضيف إليها شاهدين آخرين يثبتان نفاق بني أمية وأتباعهم، ويوضحان بعض مقاصدهم من الاستمرار على سبّه ولعنه على المنابر.

قال الحافظ الذهبي في (تاريخ الإسلام، ج٢، ص٢٥٤): (وروى عمر بن عليّ بن الحُسين، عن أبيه، قال: قال مَروانُ: ما كان في القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم - يعني علياً عن عثمان - قال: فقلت: ما بالُكُم تسُبُّونه على المنابر؟! قال: لا يستقيمُ الأمرُ إلّا بذلك. رواه ابن أبي خَيْثَمَة بإسناد قويٍّ عن عمر).

وقال الحافظ ابن كثير الدمشقيّ في (البداية والنهاية، ج١١، ص٧١١-٧١٢) في حوادث سنة ٦٥هـ في ترجمة مروان بن الحكم الأمويّ: (وقد كان أبوه الحكم من أكبر أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنَّما أسلَمَ يوم الفتح، وقَدِمَ الحكمُ المدينةَ، ثمَّ طَرَدَه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ومات بها، ومروان كان أكبر الأسباب في حصار عثمان؛ لأنه زَوَّرَ على لسانه كتاباً إلى مصر بقتل أولئك الوفد، ولما كان مُتَوَلِّياً على المدينة لمعاوية كان يَسُبُّ عليّاً كلَّ جمعةٍ على المنبر، وقال له الحسن بن عليٍّ: لقد لَعَنَ الله أباك الحكم وأنت في صُلْبِه على لسان نبيه، فقال: "لعن الله الحكم وما ولد" والله أعلم).

وقد قال ابن رجب الحنبلي في كتابه (الفرق بين النصيحة والتعيير، ص٤٤-٤٥) كلاماً يؤكّد فيه سبّهم وعدوانهم على أمير المؤمنين (عليه السلام) ويشرحُ في غايتهم من هذا العمل القبيح، قال: (ومثال ذلك: أنْ يريد الإنسان ذمّ رجل وتنقصّه وإظهار عيبه، لِيُنَفِّر الناس عنه؛ إمّا محبةً لإيذائه لعداوته، أو مخافةً من مزاحمته على مالٍ أو رئاسة، أو غير ذلك من الأسباب المذمومة، فلا يتوصَّل بذلك إلّا بإظهار الطعن فيه بسبب ديني مثل:
أن يكون قد رَدَّ قولاً ضعيفاً من أقوال عالمٍ مشهور فيشيع بين مَنْ يُعَظِّمُ ذلك العالم أنَّ فلاناً [يبغض] هذا العالم، ويذمُّه ويطعن عليه، فيغر بذلك كل مَنْ يُعَظِّمُه، ويُوهِمُهم أنَّ بغض الراد وأذاه من أعمال القُرب، لأنَّه ذبَّ عن ذلك العالم، ورفع الأذى عنه، وذلك قربة إلى الله تعالى وطاعته.
فيجمع هذا المُظْهِرُ للنصح بين أمرين قبيحين محرَّمَيْن:
أحدهما: أنْ يحمل ردّ هذا العالم القول الآخر على البغض والطعن والهوى، وقد يكون إنَّما أراد به النصح للمؤمنين، وإظهار ما لا يحلُّ له كتمانه من العلم.
والثاني: أنْ يُظْهِرَ الطعن عليه لِيَتَوَصَّلَ بذلك إلى هواه وغرضه الفاسد في قالب النصح، والذَّبِّ عن علماء الشرع.
وبمثل هذه المكيدة كان ظلم بني مروان وأتباعهم، يستميلون الناس إليهم، ويُنَفِّرون قلوبهم عن علي بن أبي طالب والحسن والحسين وذريَّتهم - رضي الله عنهم أجمعين -.
وأنَّه لمَّا قُتِلَ عثمان - رضي الله عنه - لَمْ تَرَ الأُمَّةُ أحَقَّ من عليٍّ - رضي الله عنه - فَبايعوه، فَتَوَصَّلَ مَنْ تَوَصَّلَ إلى التنفير عنه، بأنْ أَظْهَرَ تعظيم قَتْلِ عثمان وقبحه، وهو في نفس الأمر كذلك، ضمَّ إلى ذلك أنَّ المُؤَلِّبَ على قتلِه والسَّاعي فيه علي - رضي الله عنه - وهذا كان كذبٌ وبَهْت، وكان علي - رضي الله عنه - يحلِف ويُغلظ الحلف على نفي ذلك، وهو الصادقُ البارُّ في يمينه - رضي الله عنه -، فلمَّا أظهروا ذلك تَفَرَّقَت قلوب كثيرٍ مِمَّنْ لا خبرة له بحقائق الأمور عن عليٍّ - رضي الله عنه -، وبادروا إلى قتاله دِيانةً وتَقَرُّباً، ثمَّ إلى قتال أولاده - رضوان الله عليهم -، واجْتَهَدَ أولئك في إظهار ذلك وإشاعته على المنابر في أيام الجُمَع وغيرها من المجامع العظيمة، حتى استقرَّ في قلوب أتباعهم أنَّ الأمر على ما قالوه، وأنَّ بني مروان أحَقُّ بالأمر من عليٍّ وولده لِقُربهم من عثمان، وأخْذِهم بثأرِه، فَتَوَصَّلُوا بذلك إلى تأليف قلوب الناس عليهم، وقتالهم لعليٍّ وولده من بعده، ويثبت بذلك لهم المُلْك، واستوثق لهم الأمر.
وكان بعضهم يقول في الخلوة لِمَنْ يثق إليه كلاماً ما معناه: "لم يكن أحد من الصحابة أكفأ عن عثمان من عليٍّ" فيقال له: لِمَ يَسُبُّونه إذاً؟ فيقول: "إنَّ المُلْك لا يقومُ إلّا بذلك".
ومراده: أنَّه لولا تنفير قلوب الناس عن عليٍّ وولده، ونِسْبَتِهم إلى ظُلْم عثمان لما مالت قلوب الناس إليهم، لِما علِمُوه من صِفاتهم الجميلة، وخصائصهم الجليلة، فكانوا يُسرِعون إلى مُتابَعَتِهم ومُبايَعَتِهم، فيزولُ بذلك مُلْكُ أُمَيَّة، وينصرف الناس عن طاعتهم).
 
 

 
 
 

 
 
 

كشف التحريفات (٦٨): تحريف الوهابية كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي

بسم الله الرحمن الرحيم كشف التحريفات (٦٨): تحريف الوهابية كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي قام الشيخ رحمة الله بن خليل ...