بسم الله الرّحمن الرّحيم
صحابة شاركوا في قتل عثمان بن عفّان
ذكر بعض علماء أهل السنّة في كتب تراجم الصّحابة أنّ بعض الصّحابة قد شاركوا في قتل عثمان بن عفّان، منهم: عبد الرَّحمن بن عديس البلويّ، وعمرو بن الحَمِق الخزاعيّ.
أمّا الذين ذكروا عبد الرّحمن بن عديس فهم:
١- قال عبد الله بن محمد البغوي في (معجم الصحابة): (عبد الرحمن بن عديس البلوي، كان ممن بايع تحت الشجرة، قتل في زمن معاوية، وكان ممن سار إلى عثمان).
المصدر: معجم الصحابة للبغوي، ج٤، ص١٦٧، رقم ٨٩٩، الناشر: مبرّة الآل والأصحاب، الكويت.
٢- قال ابن عبد البر في (الاستيعاب): (عبد الرحمن بن عُدَيس البلوي، مصري، شهد الحديبية. ذكر أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: كان عبد الرحمن بن عُديس البلوي ممن بايع تحت الشجرة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: هو كان الأمير على الجيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه).
المصدر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج٢، ص٨٤٠، رقم ١٤٣٧، الناشر: دار الجيل، بيروت.
٣- قال ابن الجوزي في (المنتظم): (عبد الرحمن بن عُديس البلوي: بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة. وروى عنه عليه السلام.
وشهد فتح مصر، واختط بها، وكان رئيس الخيل التي سارت من مصر إلى عثمان، وقتل بفلسطين في هذه السنة، كان قد سجن فهرب فأدركه فارس، فقال له: اتق الله في دمي فإني من أصحاب الشجرة، فقال: الشجر في الحبل كثير، فقتله).
المصدر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج٥، ص١١٤، (حوادث سنة ٣٦هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت.
٤- قال ابن الأثير في (أسد الغابة): (عبد الرحمن بن عديس بن عمرو بن عبيد بن كِلاب بن دهمان بن غنم بن هميم بن ذهل بن هَنِيّ بن بلي.
كذا نسبه ابن منده وأبو نعيم، وهو بلوي. له صحبة، وشهد بيعة الرضوان، وبايع فيها. وكان أمير الجيش القادمين من مصر لحصر عثمان بن عفان رضي الله عنه، لما قتلوه).
المصدر: أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج٣، ص٤٦٩، رقم ٣٣٥٨، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت.
٥- قال الذهبي في (تجريد أسماء الصحابة): (عبد الرحمن بن عديس بن عمرو بن عبيد البلوي، بايع تحت الشجرة، وكان أمير الجيش القادمين من مصر لحصار عثمان).
المصدر: تجريد أسماء الصحابة، ج١، ص٣٥٢، رقم ٣٧٢٩، الناشر: دار المعرفة، بيروت.
وقال في (تاريخ الإسلام): (عبد الرحمن بن عُدَيس، أبو محمد البَلَويُّ. له صحبة، وبايع تحت الشجرة. وله رواية. سكن مصر. وكان ممَّن خرجَ على عثمان وسار إلى قتاله. نسأل الله العافية. ثم ظفر به معاوية فسجنه بفلسطين في جماعة، ثم هرب إلى السِّجن، فأدركوه بجبل لبنان فقُتلَ. ولمَّا أدركوه، قال لمن قتله: وَيْحَكَ اتَّقِ الله في دمي، فإنِّي من أصحاب الشجرة، فقال: الشجر بالجبل كثير، وقتلَه).
وقال: (وقيل: إنَّ عمر كتب إلى عمرو بن العاص: أنْ قَرِّبْ دارَ عبد الرحمن بن مُلْجم من المسجد ليُعَلِّم الناسَ القرآن والفِقْه، فوسَّع له مكان داره، وكانت إلى جانب دار عبد الرحمن بن عُدَيس البَلَوِيِّ، يعني أحد مَنْ أعان على قتل عثمان).
المصدر: تاريخ الإسلام، ج٢، ص٢٩٨ وص٣٧٣-٣٧٤، الناشر: دار الغرب الإسلامي.
٦- قال ابن حجر العسقلاني في (الإصابة): (عبد الرحمن بن عُدَيْسٍ - بمهملتين مصغرٌ - بن عمرو بن كلاب بن دهمان أبو محمد البَلوِيُّ، قال ابن سعد: صحِب النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وسمِع منه، وشهِد فتحَ مصرَ، وكان فيمن سار إلى عثمانَ.
وقال ابن البرقيِّ والبغويُّ وغيرُهما: كان ممَّن بايَع تحتَ الشجرةِ.
وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: له صحبةٌ. وكذا قال عبد الغنيِّ بن سعيد، وأبو عليٍّ بن السكنِ، وابن حبانَ.
وقال ابن يونس: بايَع تحتَ الشجرةِ، وشهِد فتح مصرَ واختَطَّ بها، وكان من الفرسان، ثم كان رئيسَ الخيلِ التي سارَتْ من مصرَ إلى عثمانَ في الفتنة، روى عنه عبد الرحمن بن شمّاسة، وأبو الحصين الحَجْرِي، وأبو ثورٍ الفَهْميُّ).
المصدر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج٦، ص٥٢٤-٥٢٥، رقم ٥١٨٦، الناشر: دار هجر، القاهرة.
وأمّا الذين ذكروا عمرو بن الحَمِق، فهم:
١- قال ابن سعد في (الطبقات الكبير): (عمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القَيْن بن رِزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو، من خزاعة. صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل الكوفة وشهد مع عليٍّ رضي الله عنه مشاهده. وكان فيمن سار إلى عثمان وأعان على قتله، ثم قتله عبد الرحمن بن أمّ الحكم بالجزيرة).
المصدر: كتاب الطبقات الكبير، ج٨، ص١٤٧، رقم ٢٦٨٦، الناشر: مكتبة الخانجي، القاهرة.
٢- قال ابن عبد البر في (الاستيعاب): (عمرو بن الحَمِق بن الكاهن بن حبيب الخزاعي، من خزاعة عند أكثرهم، ومنهم من ينسبه فيقول: هو عمرو بن الحمق، والحمق هو سعد بن كعب. هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية. وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح. صحب النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أحاديث، وسكن الشام، ثم انتقل إلى الكوفة وسكنها. وروى عنه جُبَير بن نُفَيْر، ورفاعة بن شداد، وغيرهما. وكان ممن سار إلى عثمان، وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار فيما ذكروا، ثم صار من شيعة عليٍّ رضي الله عنه، وشهد معه مشاهده كلّها: الجمل، والنهروان، وصِفّين، وأعان حجر بن عدي، ثم هرب في زمن زياد إلى الموصل، ودخل غاراً فنهشته حيَّة فقتلته، فبعث إلى الغار في طلبه، فوُجد ميتاً، فأخذ عامل الموصل رأسه، وحمله إلى زياد، فبعث به زياد إلى معاوية، وكان أول رأس حُمل في الإسلام من بلدٍ إلى بلد. وكانت وفاة عمرو بن الحَمِق الخزاعي سنة خمسين).
المصدر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب ج٤، ص١١٧٣-١١٧٤، رقم ١٩٠٩، الناشر: دار الجيل، بيروت.
٣- قال ابن الأثير المتوفى سنة ٦٣٠هـ في (أسد الغابة): (عمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القَيْن بن رِزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي.
هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح. صحب النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أحاديث ... وكان ممن سار إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار فيما ذكروا، وصار بعد ذلك من شيعة عليٍّ، وشهد معه مشاهده كلها: الجمل، وصفين، والنهروان، وأعان حجر بن عدي، وكان من أصحابه، فخاف زياداً، فهرب من العراق إلى الموصل، واختفى في غار بالقرب منها، فأرسل معاوية إلى العامل بالموصل ليحمل عمر إليه، فأرسل العامل على الموصل ليأخذه من الغار الذي كان فيه، فوجده ميتاً، كان قد نهشته حَيَّة فمات، وكان العامل عبد الرحمن بن أم الحكم، ابن أخت معاوية).
المصدر: أُسد الغابة في معرفة الصحابة، ج٤، ص٢٠٥، رقم ٣٩١٢، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت.
٤- قال ابن كثير في (البداية والنهاية): (وفيها كانت وفاة عمرو بن الحمق بن الكاهن الخزاعي، أسلم قبل الفتح وهاجر، وقيل: إنه إنما أسلم عام حجة الوداع. وقد ورد في حديثٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دَعا له أن يُمَتِّعَهُ اللهُ بشبابه، فبَقِيَ ثمانين سنة لا يُرى في لحيتِه شعرةٌ بيضاء، ومع هذا كان أحد الأربعة الذين دخلوا على عثمان، ثم صار بعد ذلك من شيعة عليٍّ، فشهد معه الجمل وصِفِّين، وكان من جملة الذين قاموا مع حجر بن عدي، فتَطَلَّبه زياد، فهرب إلى الموصل، فبعث معاوية إلى نائبها، فطلبوه فوجدوه قد اختفى في غارٍ، فنهَشَتْه حَيَّةٌ، فمات فقَطَع رأسه، فبعث به إلى معاوية، فطِيف به في الشام وغيرها، وكان أول رأسٍ طِيف به، ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشَّريد - وكانت في سجنه - فأُلْقِيَ في حِجْرِها، فوَضَعَت كفَّها على جبينِه ولَثَمَت فمَه، وقالت: غيَّبْتُموه عنِّي طويلاً، ثم أهْدَيْتُمُوه إليَّ قتيلاً، فأهلاً بها من هديَّةٍ غير قالِيَةٍ ولا مَقْلِيَّةٍ).
المصدر: البداية والنهاية ج١١، ص٢١٩، (حوادث سنة ٥٠هـ)، الناشر: دار عالم الكتب، الرياض.
فهذا حال اثنين من الصّحابة الذين قتلوا عثمان بن عفّان، وبالنّظر إلى ما يعتقد أهل السنّة والجماعة في عدالة الصّحابة كلّهم، يكون المنصف أمام وجهين لا ثالث لهما:
الوجه الأوّل: سقوط عدالة هذين الصّحابيّيَيْن، وبهذا ينفتح الباب لإسقاط عدالة من قاتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وحاربه وسفك دماء المسلمين وارتكب الكبائر.
الوجه الثّاني: عدم سقوط عدالة من شارك في قتل عثمان بن عفّان، فكيف يمكن حينئذٍ القول بكفر أو تفسيق من ينتقد الصّحابة لارتكابهم مخالفاتٍ شرعيّة؟! فإذا كان القتلُ غيرَ مسقطٍ للعدالة، فمن باب الأولى أن لا تسقط عدالة المُفسِّق لهم لارتكابهم الكبائر!