السبت، 19 يونيو 2021

نزول آية التطهير في أصحاب الكساء (١٠): روايات الطبريّ في تفسيره

بسم الله الرحمن الرحيم
نزول آية التطهير في أصحاب الكساء (١٠): روايات الطبريّ في تفسيره

قال الطبري في تفسيره:
(واختلَف أهلُ التأويلِ في الذين عُنوا بقولِه: (أَهْلَ الْبَيْتِ)؛ فقال بعضُهم: عُني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليٌّ، وفاطمةُ، والحسنُ، والحسينُ، رضوانُ اللهِ عليهم.
ذكرُ مَن قال ذلك:
حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا بكرُ بنُ يحيى بنِ زبَّان العَنَزِيُّ، قال: ثنا مَندلٌ، عن الأعمشِ، عن عطيةَ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نزلَت هذه الآيةُ في خمسةٍ: فيّ، وفي عليٍّ رضِي اللهُ عنه، وحسنٍ رضِي اللهُ عنه، وحسينٍ رضِي اللهُ عنه، وفاطمةَ رضِي اللهُ عنها؛ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)".

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بشرٍ، عن زكريَّا، عن مصعبِ بنِ شيبةَ، عن صفيةَ بنتِ شيبةَ، قالت: قالت عائشةُ: خرَج النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات غداةٍ، وعليه مرطٌ مرجَّلٌ مِن شَعَرٍ أسودَ، فجاء الحسنُ، فأدخَله معه، ثم جاء عليٌّ فأدخلَه معه ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بكرٍ، عن حمَّادِ بنِ سلمةَ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن أنسٍ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يمرُّ ببيتِ فاطمةَ ستةَ أشهرٍ كلما خرَج إلى الصلاةِ، فيقولُ: "الصلاةَ أهلَ البيتِ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)".

حدَّثني موسى بنُ عبدِ الرحمنِ المَسْرُوقيُّ، قال: ثنا يحيى بنُ إبراهيمَ بن سويدٍ النَّخَعِيُّ، عن هلالٍ، يَعني ابنَ مِقْلاصٍ، عن زُبيدٍ، عن شهرِ بنِ حوشبٍ، عن أمِّ سلمةَ قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم عندي، وعليٌّ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُ، فجعلتُ لهم خَزِيرةً، فأكَلوا وناموا، وغطَّى عليهم عباءةً أو قطيفةً، ثم قال: "اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي، أذهِبْ عنهم الرجسَ وطهِّرْهم تطهيراً".

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبو نُعيمٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ أبي إسحاقَ، قال: أخبَرني أبو داودَ، عن أبي الحمراءِ، قال: رابطتُ المدينةَ سبعةَ أشهرٍ على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا طلَع الفجرُ، جاء إلى بابِ عليٍّ وفاطمةَ، فقال: "الصَّلاةَ الصَّلاةَ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)".

حدَّثني عبدُ الأعلى بنُ واصلٍ، قال: ثنا الفضلُ بنُ دُكَينٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ أبي إسحاق، بإسنادِه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مثلَه.

حدَّثني عبدُ الأعلى بنُ واصلٍ، قال: ثنا الفضلُ بنُ دُكَينٍ، قال: ثنا عبدُ السَّلامِ بنُ حربٍ، عن كلثومٍ المحاربيِّ، عن أبي عمَّار، قال: إني لجالسٌ عندَ واثلةَ بنِ الأسقعِ، إذ ذكَروا عليًّا رضِي اللهُ عنه، فشتَموه، فلما قاموا، قال: اجلسْ حتى أُخبرَك عن هذا الذي شتَموه، إني عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه عليٌّ وفاطمةُ وحسنٌ وحسينٌ، فألقَى عليهم كساءً له، ثم قال: اللهم هؤلاء أهلُ بيتي، اللهم أذهِبْ عنهم الرجسَ وطهَرْهم تطهيراً؛ قلتُ: يا رسولَ اللهِ وأنا؟ قال: وأنت؛ قال: فواللهِ إنها لأوثقُ عمَلٍ عندي".

حدَّثني عبدُ الكَريمِ بنُ أبي عُميرٍ، قال: ثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، قال: ثنا أبو عمرٍو، قال: ثني شدَّادٌ، أبو عمارٍ، قال: سمِعتُ واثلةَ بنَ الأسقعِ يُحدِّثُ، قال: سألتُ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ في منزلِه، فقالت فاطمةُ: قد ذهَب يأتي برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذ جاء، فدخَل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ودخلتُ، فجلَس رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الفراشِ، وأجلَس فاطمةَ عن يمينِه، وعليًّا عن يسارِه، وحسناً وحسيناً بين يديه، فلفَع عليهم بثوبِه، وقال: "(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). اللهم هؤلاء أهلي، اللهم أهلي أحقُّ". قال واثلةُ: فقلتُ مِن ناحيةِ البيتِ: وأنا يا رسولَ اللهِ مِن أهلِك؟ قال: "وأنت من أهلي". قال واثلةُ: إنهما لمِن أَرجى ما أَرتَجِي.

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن عبدِ الحميدِ بنِ بَهْرَامَ، عن شهرِ ابنِ حوشبٍ، عن فُضيلِ بنِ مرزوقٍ، عن عطيةَ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن أمِّ سلمةَ، قالت: لما نزلَت هذه الآيةُ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمةَ وحسناً وحسيناً، فجلَّل عليهم كساءً خيبريًّا. فقال: "اللهم هؤلاء أهلُ بيتي، اللهم أَذْهِبْ عنهم الرجسَ وطهِّرْهم تطهيراً". قالت أمُّ سلمةَ: ألستُ منهم؟ قال: "أنتِ إلى خيرٍ".

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا مصعبُ بنُ المقدامِ، قال: ثنا سعيدُ بنُ زَرْبيٍّ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، عن أبي هريرةَ، عن أمِّ سلمةَ، قالت: جاءت فاطمةُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ببُرمَةٍ لها قد صنَعت فيها عصيدةً تحملُها على طبقٍ، فوضَعته بينَ يديْه. فقال: "أينَ ابنُ عمَّك وابناك؟" فقالت: في البيتِ. فقال: "ادعيهم". فجاءت إلى عليٍّ، فقالت: أجِبِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنت وابناك. قالت أمُّ سلمةَ: فلما رآهم مقبلين مَدَّ يدَه إلى كساءٍ كان على المنامةِ، فمدّه وبسَطه، وأجلَسهم عليه، ثم أخَذ بأطرافِ الكساءِ الأربعةِ بشمالِه، فضمَّه فوقَ رءوسِهم، وأومَا بيدِه اليمنى إلى ربِّه. فقال: "هؤلاء أهلُ البيتِ، فأَذْهِبْ عنهم الرجسَ وطهِّرْهم تطهيراً".

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا حسنُ بنُ عطيةَ، قال: ثنا فُضَيْلُ بنُ مرزوقٍ، عن عطيةَ، عن أبي سعيدٍ، عن أمِّ سلمةَ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أن هذه الآيةَ نزَلت في بيتِها: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، قالت: وأنا جالسةٌ على بابِ البيتِ، فقلتُ: أنا يا رسولَ اللهِ، ألستُ مِن أهلِ البيتِ؟ قال: "إنك إلى خيرٍ، أنتِ مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم". قالت: وفي البيتِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وعليٌّ، وفاطمةُ، والحسنُ، والحسينُ، رضي الله عنهم.

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا خالدُ بنُ مُخلدٍ، قال: ثنا موسى بنُ يعقوبَ، قال: ثني هاشمُ بنُ هاشمِ بنِ عتبةَ بنِ أبي وقاصٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ وهبِ بنِ زمعةَ، قال: أخبَرتني أمُّ سلمةَ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جمَع عليًّا والحَسنَين، ثم أدخَلهم تحتَ ثوبِه، ثم جأَر إلى اللهِ، ثم قال: "هؤلاء أهلُ بيتي". قالت أمُّ سلمةَ، فقلت: يا رسولَ اللهِ أدخِلْني معهم. قال: "إنَّكِ مِنْ أهْلِي".

حدَّثني أحمدُ بنُ محمدٍ الطوسيُّ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ صالحٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأصبهانيُّ، عن يحيى بنِ عُبيدٍ المكيِّ، عن عطاءٍ، عن عمرَ بنِ أبي سلمةَ، قال: نزلَت هذه الآيةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيتِ أمِّ سلمةَ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). فدعا حَسناً وحُسيناً وفاطمةَ، وأجلَسَهم بينَ يديه، ودعا عليًّا فأجلَسه خلفَه، فتجلَّل هو وهم بالكساءِ، ثم قال: "هَؤُلاءِ أهْلُ بَيْتي، فأَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً". قالت أمُّ سلمةَ: أنا معهم؟ قال: "مكانَك، وأنْتِ على خَيْرٍ".

حدَّثني محمدُ بنُ عُمارةَ، قال: ثنا إسماعيلُ بنُ أبانٍ، قال: ثنا الصَّباحُ بنُ يحيى المرّيُّ، عن السديِّ، عن أبي الديلمِ، قال: قال عليُّ بنُ الحُسينِ لرجلٍ مِن أهلِ الشأمِ : أما قرَأتَ في الأحزابِ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)؟ قال: ولأنتم هم؟ قال: نعم.

حدَّثنا ابن المُثنى، قال: ثنا أبو بكرٍ الحنفيُّ، قال: ثنا بُكيرُ بنُ مِسْمارٍ، قال: سمعت عامرَ بنَ سعدٍ، قال: قال سعدٌ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ نزَل عليه الوحيُ، فأخَذَ عليًّا وابنيه وفاطمةَ، وأدخَلهم تحتَ ثوبِه، ثم قال: "رَبِّ هَؤُلاءِ أهْلِي، وأهْلُ بَيْتي".

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ القدوسِ، عن الأعمشِ، عن حكيمِ بنِ سعدٍ، قال: ذكَرْنا عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه عندَ أمِّ سلمةَ، قالت: فيه نزَلت: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). قالت أمُّ سلمةَ: جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى بيتي، فقال: "لا تَأذَني لأحَدٍ". فجاءت فاطمةُ، فلم أستطِعْ أن أحجبَها عن أبيها، ثم جاء الحسنُ، فلم أستطِعْ أن أمنعَه أن يدخلَ على جدِّه وأمِّه، وجاء الحسينُ، فلم أستطِعْ أن أحجُبَه، فاجتمَعوا حولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على بِساطٍ، فجلَّلهم نبيُّ اللهِ بكساءٍ كان عليه، ثم قال: "هؤلاء أهْلُ بَيْتِي، فَأذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهيراً". فنزَلت هذه الآيةُ حينَ اجتمَعوا على البِساطِ؛ قالت: فقلت: يا رسولَ اللهِ: وأنا؟ قالت: فواللهِ ما أَنعَمَ، وقال: "إنَّكِ إلى خَيْرٍ".

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك أزواجُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ذكرُ مَن قال ذلك:

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا الأصْبغُ بنُ علقمةَ، قال: كان عكرمةُ يُنادِي في السوقِ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). قال: نزَلت في نساءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً").
المصدر: تفسير الطبري، ج١٩، ص١٠١-١٠٨، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع - الرياض.

أقولُ: وهذا يبيّن أنّ القول بنزول الآية في أصحاب الكساء دون غيرهم هو الذي عليه أكثر الروايات عن أهل البيت والصّحابة، وأنّ القول بنزولها في نساء النبيّ خاصّةً هو قولٌ شاذٌّ من عكرمة، وهو ليس بحجّة.

وأمّا بالنسبة إلى مدى اعتبار تفسير الطبريّ في توثيق آراء السّلف فقد قال ابن تيمية في فتاواه: (وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحُّها تفسير محمد بن جرير الطبري؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين).
المصدر: مجموع الفتاوى، ج١٣، ص٣٨٥.

كلام ابن تيميّة في مدى اعتبار تفسير الطبريّ
ترجمة الطبريّ في كتاب (سير أعلام النبلاء) للحافظ الذهبيّ

صحابة شاركوا في قتل عثمان بن عفّان

بسم الله الرّحمن الرّحيم صحابة شاركوا في قتل عثمان بن عفّان ذكر بعض علماء أهل السنّة في كتب تراجم الصّحابة أنّ بعض الصّحابة قد شاركوا في قتل...