الخميس، 30 مارس 2017

قول الحافظ القسطلاني باستحباب التوسل والاستغاثة بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وذكره استغاثته به في الشدائد

بسم الله الرحمن الرحيم
قول الحافظ القسطلاني باستحباب التوسل والاستغاثة بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وذكره استغاثته به في الشدائد

ذكر الحافظ الفقيه الشافعي أحمد بن محمد القسطلاني - أحد شارحي صحيح البخاري - في كتابه (المواهب اللدنية بالمنح المحمدية) عبارات عديدة في شأن التوسل والاستغاثة بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، منها:

1. قوله باستحباب التوسل والتشفع والاستغاثة بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
قال في كتابه (ج4، ص593): (وينبغي للزائر أن يكثر من الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به - صلى الله عليه وسلم-، فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله تعالى فيه.
واعلم أن الاستغاثة هي طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبر بلفظ الاستغاثة أو التوسل أو التشفع أو التجوّه أو التوجه؛ لأنهما من الجاه والوجاهة ومعناه علو القدر والمنزلة.
وقد يتوسل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه، ثم إن كلاً من الاستغاثة والتوسل والتشفع والتوجه بالنبي - صلى الله عليه وسلم- كما ذكره فى «تحقيق النصرة» و «مصباح الظلام» واقع في كل حال، قبل خلقه وبعد خلقه، فى مدة حياته فى الدنيا وبعد موته فى مدة البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة).
وقال أيضاً في كتابه (ج4، ص594- 595): (وأما التوسل به - صلى الله عليه وسلم- بعد موته في البرزخ فهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء، وفي كتاب «مصباح الظلام فى المستغيثين بخير الأنام» للشيخ أبي عبد الله بن النعمان طرف من ذلك).

2. ذكره لقصّتين نقلهما في عمله بالتوسل والاستغاثة بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
قال في كتابه (ج4، ص 595-596): (ولقد كان حصل لي داء أعيا دواؤه الأطباء، وأقمت به سنين، فاستغثت به - صلى الله عليه وسلم- ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة بمكة زادها الله شرفاً، ومنّ عليَّ بالعود فى عافية بلا محنةٍ، فبينا أنا نائم إذ جاء رجل معه قرطاس يكتب فيه: هذا دواء لداء أحمد بن القسطلاني من الحضرة الشريفة بعد الإذن الشريف النبويّ، ثم استيقظت فلم أجد بي -واللهِ- شيئاً مما كنت أجده، وحصل الشفاء ببركة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-.
ووقع لي أيضاً فى سنة خمس وثمانين وثمانمائة فى طريق مكة، بعد رجوعي من الزيارة الشريفة لقصد مصر، أن صُرِعَتْ خادمتنا غزال الحبشية، واستمر بها أياماً، فاستشفعت به - صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فأتانى آتٍ في منامي، ومعه الجنيُّ الصارع لها فقال: لقد أرسله لك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فعاتبته وحلفته أن لا يعود إليها، ثم استيقظت وليس بها قلبة كأنما نشطت من عقال، ولا زالت فى عافية من ذلك حتى فارقتها بمكة سنة أربع وتسعين وثمانمائة، والحمد لله رب العالمين... فعليك أيها الطالب إدراك السعادة الموصل لحسن الحال فى حضرة الغيب والشهادة، بالتعلق بأذيال عطفه وكرمه، والتطفل على موائد نعمه، والتوسل بجاهه الشريف والتشفع بقدره المنيف، فهو الوسيلة إلى نيل المعالي واقتناص المرام، والمفزع يوم الجزع والهلع لكافة الرسل الكرام، واجعله أمامك فيما نزل بك من النوازل، وإمامك فيما تحاول من القرب والمنازل، فإنك تظفر من المراد بأقصاه، وتدرك رضى من أحاط بكل شئ علماً وأحصاه).
طبعة الكتاب: (تحقيق: صالح أحمد الشامي، الناشر: المكتب الإسلاميّ، الطبعة الثانية 1425 هـ/2004م).
 
 
 
 
 

الأربعاء، 29 مارس 2017

تجويز الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي التوسل والاستغاثة برسول الله (ص)، ورده على شبهات ابن تيمية

بسم الله الرحمن الرحيم
تجويز الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي التوسل والاستغاثة برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ورده على شبهات ابن تيمية

للفقيه الشافعيّ ابن حجر الهيتمي في كتابه (الجوهر المنظّم في زيارة القبر المكرّم) كلمات متعددة في إثبات التوسل والاستغاثة بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وردِّ شبهات ابن تيمية وإبطالها، ومما قاله:

1. قوله بحُسن التوسل والاستغاثة واتهامه ابن تيمية بالخرافة.
قال في هذا الكتاب [ص 171]: (من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالمٌ قبله، وصار بها بين أهل الإسلام مُثلةً، أنَّه أنكر الاستغاثة والتوسل به صلى الله عليه وسلم، وليس كما افترى بل التوسل به صلى الله عليه وسلم حَسَنٌ في كل حال، قبل خَلْقهِ وبعده، في الدنيا والآخرة).
2. ردِّه على شبهة أن التوسل والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله شرك.
وقال في نفس الكتاب [ص172]: (ثُمَّ السؤال به صلى الله عليه وسلم ليس سؤالاً له حتَّى يوجبَ إشراكاً، وإنما هو سؤال الله تعالى بمن له عنده قدرٌ عَلِيٌّ ومرتبةٌ رفيعةٌ وجاهٌ عظيم، فمن كرامته على ربه أنَّه لا يخيب السائل والمتوسل إليه بجاهه، ويكفي في هوان مُنكِر ذلك حرمانُه إيَّاه).
وقال في [ص174]: (والاستغاثة طلبُ الغوث، والمستغيث يطلبُ من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره وإن كان أعلى منه، فالتوجه والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبغيره ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك، ولا يقصد بها أحد منهم سواه، فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبكِ على نفسه، نسأل الله العافية.
والمُستَغاثُ به في الحقيقة هو الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم واسطةٌ بينه وبين المستغيث، فهو تعالى مُستَغَاثٌ، والغوثُ منه خلقاً وإيجاداً، والنبي صلى الله عليه وسلم مُستَغَاثٌ، والغوث منه تسبباً وكسباً، ومستغاث به والباء للاستعانة).
3. قوله إنَّ السَّلفَ كانوا يستعملون التوسل في حاجاتهم.
قال في نفس الكتاب [ص173]: (وإنما علمه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولم يَدعُ له؛ لأنه أراد أن يحصل منه التوجه بذُلِّ الافتقار والانكسار والاضطرار مستغيثاً به صلى الله عليه وسلم ليحصل له كمال مقصوده، وهذا المعنى حاصل في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته.
ومن ثمَّ استعمل السلف هذا الدعاء في حاجاتهم بعد موته صلى الله عليه وسلم، فقد علمه عثمان بن حنيف الصحابي رضي الله عنه راويه لمن كان له حاجة عند عثمان بن عفان زمن إمارته رضي الله عنه، وعسر عليه قضاؤها منه، ففعله فقضاها..إلخ).
4. قوله بجواز إطلاق لفظ الاستغاثة.
قال في نفس الكتاب [ص175]: (وبالجملة إطلاق لفظ الاستغاثة لمن يحصل منه غوثٌ ولو تسبباً وكسباً أمر معلوم لا شك فيه لغة ولا شرعاً، فلا فرق بينه وبين السؤال، وحينئذٍ تعين تأويل الحديث الشريف المذكور لا سيما مع ما نُقل أن في حديث البخاري في الشفاعة يوم القيامة [فبينما هم كذلك  .. استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم]...إلخ).
5. قوله بالتوسل والاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله في حياته وبعد موته ويوم القيامة، وأنَّ هذا ثابت بالإجماع والأخبار المتواترة.
قال في [ص175]: (فَعُلِمَ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُطلبُ منه الدعاء بحصول الحاجات، كما كان في حياته لعلمه بسؤال من يسأله كما ورد، مع قدرته على التسبب في حصول ما سُئلَ فيه بسؤاله وشفاعته إلى ربه، وأنه صلى الله عليه وسلم يُتَوَسَّلُ به في كل حال، قبل بروزه لهذا العالم وبعده، في حياته وبعد وفاته وكذا في عَرَصات يوم القيامة فيشفع إلى ربه تعالى، وهذا مما قام عليه الإجماع وتواترت به الأخبار).

 
 
 
 
 
 
 

ترجمة الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي في كتاب (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) لابن العماد الحنبلي
 
 
 

الاثنين، 27 مارس 2017

القاضي عياض: جرت عادة السلف والخلف على التبرك بآثار النبي (ص) للاستشفاء وغيره

بسم الله الرحمن الرحيم
القاضي عياض: جرت عادة السلف والخلف على التبرك بآثار النبي (ص) للاستشفاء وغيره

قال القاضي عياض في شرحه لصحيح مسلم (إكمال المعلم بفوائد مسلم، ج6، ص582) في شرح قول أسماء بنت أبي بكر والذي أشرنا إليه سابقاً في هذا الموضوع (هنا): (وقولها: "فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها" لما فى ذلك من بركة ما لبسه النبى صلى الله عليه وسلم أو لمسه، وقد جرت عادة السلف والخلف بالتبرك بذلك منه - عليه السلام - ووجود ذلك وبلوغ الأمل من شفاء وغيره).
وهذا يُفنِّدُ أكاذيب الوهابية ويكشف أنَّ سيرة علماء أهل السنة والجماعة قائمة على التبرك بآثار النبي (صلى الله عليه وآله) كما نصَّ على ذلك القاضي عياض وغيره، بل وأجاز بعضهم التبرك بمطلق آثار الصالحين كما سيأتي بيانه لاحقاً.

 
 

بإسنادٍ صحيح: النبيُّ (ص) يعلم صحابياً أعمى التوسل به لشفائه من العمى

بسم الله الرحمن الرحيم
بإسنادٍ صحيح: النبيُّ (ص) يعلم صحابياً أعمى التوسل به لشفائه من العمى

روى أحمد بن حنبل في مسنده (ج28، ص478، رقم الحديث 17240، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة): (حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن أبي جعفر، قال: سمعت عمارة بن خزيمة، يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادعُ الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخرت ذاك فهو خير. فقال: ادعه. فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بكَ إلى ربي في حاجتي هذه، فتُقْضَى لِي، اللهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح).

وجاءَ مكرراً في نفس الجزء (ص480، رقم الحديث 17241):
(حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، عن أبي جعفر المديني، قال: سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت، يحدث عن عثمان بن حنيف، أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يعافيني. فقال: إن شئت أخرت ذلك، فهو أفضل لآخرتك، وإن شئت دعوت لك. قال: لا بل ادع الله لي. فأمره أن يتوضأ، وأن يصلي ركعتين، وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتُقضَى، وتشفعني فيه، وتُشَفِّعَهُ فِيَّ. قال: فكان يقول هذا مراراً. ثم قال بعد: أحسب أن فيها: أن تشفعني فيه. قال: ففعل الرجل، فبرأ).
وقال المحقق شعيب الأرناؤوط: (هو مكرر كسابقه، إلا أنَّ شيخ أحمد في هذه الرواية هو روح وهو ابن عبادة).

وفي طبعةٍ أخرى بتحقيق آخر للمسند: (مسند أحمد بن حنبل، ج13، ص314-315، رقم الحديث 17174، تحقيق: حمزة الزين، الناشر: دار الحديث - القاهرة)، وعلَّق المحقق حمزة الزين عليه بقوله: (إسناده صحيح)، وجاء مكرراً في نفس الجزء (ص315، رقم الحديث 17175) وعلق عليه المحقق حمزة الزين بقوله: (إسناده صحيح كسابقه).

مسند أحمد بتحقيق شعيب الأرناؤوط
 
 

مسند أحمد بتحقيق حمزة الزين
 
 
 

الحاكم النيسابوري: تواترت الأخبار أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وُلِدَ في جوف الكعبة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحاكم النيسابوري: تواترت الأخبار أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وُلِدَ في جوف الكعبة

قال الحاكم النيسابوري في كتابه (المستدرك على الصحيحين، ج6، ص337، الناشر: دار التأصيل، الطبعة الأولى 1435 هـ/2014م): (تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة).

وقال المحدث الشاه ولي الله الدهلوي في كتابه (إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء، ج4، ص343، تحقيق: تقي الدين الندوي، الناشر: دار القلم، الطبعة الأولى 1434 هــ - 2013م): (ومن مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه التي ظهرت حين ولادته أنه ولد في جوف الكعبة المشرفة).


 
 
 
 

الثلاثاء، 21 مارس 2017

الحافظ النووي: غسل أسماء بنت أبي بكر ثياب النبي (ص) لاستشفاء المرضى دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحافظ النووي: غسل أسماء بنت أبي بكر ثياب النبي (ص) لاستشفاء المرضى دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين

روى مسلم في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر قولها في جبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي كانت عندها: (هذه كانت عند عائشة حتى قُبِضَتْ، فلما قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وكانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُسْتَشْفَى بِهَا).
قال الحافظ النووي - وهو من فقهاء الشافعيّة - في شرحه على صحيح مسلم المعروف بـ(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ج14، ص269-270، تحقيق: خليل مأمون شيحا، الناشر: دار المعرفة/بيروت، الطبعة السابعة عشر 1430 هـ/2009م): (وفي هذا الحديث دليلٌ على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم).

 
 
 
 

الاثنين، 20 مارس 2017

زيارة الصحابي أبي أيوب الأنصاريّ قبر النبي (ص) وأذية مروان بن الحكم له

بسم الله الرحمن الرحيم
زيارة الصحابي أبي أيوب الأنصاريّ قبر النبي (ص) وأذية مروان بن الحكم له

الرواية الأولى: روى الحافظ ابن حبان في صحيحه (ج12، ص506-507، رقم الحديث 5694، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة 1418هـ/1997م): (أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله، قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج مروان بن الحكم، فقال: تصلي إلى قبره؟ فقال: إني أحبه. فقال له قولاً قبيحاً ثم أدبر، فانصرف أسامة، فقال: يا مروان إنك آذيتني، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الله يبغض الفاحش المتفحش» وإنك فاحش متفحش).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده حسن).

الرواية الثانية: روى الحاكم النيسابوريّ في (المستدرك على الصحيحين، ج4، ص515، الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر): (حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري، ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمر العقدي، ثنا كثير بن زيد، عن داود بن أبي صالح، قال: أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعا وجهه على القبر فأخذ برقبته وقال: أتدري ما تصنع؟ قال: نعم. فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فقال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله»).
قال الحاكم النيسابوريّ: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
قال الحافظ الذهبيّ: (صحيح).

ويُستفاد من هاتين الروايتين:
1. أنَّ الصحابة كانوا يزورون قبرَ النبي (صلى الله عليه وآله) ويصلون إلى جهة قبره، ولم يعتبروا هذا من الذرائع إلى الشرك، بينما تفطّن لذلك الوهابية!
2. أنَّ الصحابة خلال زيارتهم كانوا يلمسون القبر الشريف، كما فعل الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) حيثُ انكبَّ على قبرِ رسول الله (صلى الله عليه وآله).
3. إنَّ مروان بن الحكم من خلال ممارسته لسياسة التضييق على زوار النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يُعدُّ السلف (الصالح) للوهابيّة الذين يزعمون اتّباع الصحابة والتأسي بسيرتهم.
4. إنَّ شبهات الوهابية المبثوثة في كتبهم، والتي ترمي زوار قبور الأولياء والصالحين بعبادة الحجر والوثنيّة قديمة جداً، كان سلفهم مروان بن الحكم قد ابتدعها، وقد فنَّدها وأبطلها الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) بقوله: (جئتُ رسول الله ولم آتِ الحَجَر).
الرواية في صحيح ابن حبان
 
 
 

الرواية في مستدرك الحاكم النيسابوري
 

السبت، 11 مارس 2017

ابن قيم الجوزية: عمر بن الخطاب ينطق بالشيء فيكون قضاءً وقدراً

بسم الله الرحمن الرحيم
ابن قيم الجوزية: عمر بن الخطاب ينطق بالشيء فيكون قضاءً وقدراً

قال ابن قيم الجوزية في كتابه (مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، ج3، ص1492، تحقيق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد، الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1432 هـ): (وروى مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة. قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب. فقال: ممن؟ قال: من الحرقة. قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار. قال: بأيها؟ قال: بذات لظى. فقال له عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا. فكان كما قال عمر).
ثم قال في نفس الكتاب (ص1539-1542): (وأما الأثر الذي ذكره مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة..الحديث إلى آخره.
فالجواب عنه: أنه ليس بحمد الله فيه شيء من الطيرة وحاشا أمير المؤمنين رضي الله عنه من ذلك وكيف يتطير وهو يعلم أن الطيرة شرك من الجبت وهو القائل في حديث اللقحة ما تقدم ولكن وجه ذلك والله أعلم أن هذا القول كان منه مبالغة في الإنكار عليه لاجتماع أسماء النار والحريق في اسمه واسم أبيه وجده وقبيلته وداره ومسكنه فوافق قوله: [اذهب فقد احترق منزلك] قدَراً لعل قوله كان السبب.
وكثيراً ما يجري مثل هذا لمن هو دون عمر بكثير فكيف بالمُحَدَّثِ المُلْهَمِ الذي ما قال لشيء إني لأظنه كذا إلا كان كما قال، وكان يقول الشيء ويشير به فينزل القرآن بموافقته فإذا نزل الأمر الديني بموافقة قوله فكذلك وقوع الأمر الكوني القدري موافقاً لقوله).
وقال في نفس الكتاب (ص1541-1542): (فإذا كانت هذه موافقة عمر لربه في شرعه ودينه وينطق بالشيء فيكون هو المأمور المشروع فكذلك لا يبعد موافقته له تعالى في قضائه وقدره ينطق بالشيء فيكون هو المقضيَّ المقدور، فهذا لون والطيرة لون).
وهذا الكلام الذي يعتقدهُ ابنُ قيّم الجوزيَّة وأتباعه من الوهابية لا يعتبرونه من الغلوِّ، لكن حينما يَقول شيعة أهل البيت (عليهم السلام) إنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) علَّمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من علم الغيب ومعرفة حقائق الأمور فإنَّ ذلك يعتبرونه غلواً وشركاً، وكأن التعليم الإلهي من إلهام وغيره مُختصّ بغير أهل البيت (عليهم السلام) ولا يجوز إلا لغيرهم.
 
 
 
 
 
 

كشف التحريفات (٦٨): تحريف الوهابية كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي

بسم الله الرحمن الرحيم كشف التحريفات (٦٨): تحريف الوهابية كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي قام الشيخ رحمة الله بن خليل ...