بسم الله الرحمن الرحيم
ابن الجوزي: ابن ماجه صاحب السنن غلب عليه الهوى بالعصبية للبلد والموطن
لا يخفى على أحدٍ أنَّ ابن ماجه صاحب كتاب السنن المعروف بـ(سنن ابن ماجه) من مشاهير علماء أهل السنة، وكتاب (السنن) له يعدُّ من أمَّهات المصادر عند أهل السنة، وهو أحد المصادر المعنية عندما يطلق لفظ (الكتب الستة)، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجه، وسنن النسائي.
ولا يخفى أيضاً أنَّ ابن ماجه ينتسب إلى مدينة قزوين، وقد أخرج في كتابه (السنن) حديثاً في فضل هذه المدينة، وهذا الحديث حَكَمَ عليه العلماء بأنَّه من الأحاديث الموضوعة، ووقد أخرجه في كتابه تعصّباً لموطنه وبلده، فانظر إلى ما قاله ابن الجوزي في هذا الأمر.
قال ابن الجوزي في كتاب (الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، ج٢، ص٣١٦-٣١٨، ح٨٨٤، كتاب الفضائل والمثالب، باب حديث في فضيلة قَزْوين خاصَّة): (أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أنبأنا أبو منصور محمد بن الحسين المُقَوّي قال: أنبأنا القاسم بن أبي المُنذر قال: أخبرنا علي بن إبراهيم بن بَحْر قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد بن مَاجه قال: حدثنا إسماعيل بن [أسدٍ] قال: حدثنا داود بن المحبّر قال أخبرنا الربيع بن صَبِيح عن يزيد بن أبان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَتُفْتَحُ عليكم الآفاقُ، وستُفتح عليكم مدينةٌ يُقَالُ لها قَزْوينُ، مَنْ رَابَطَ فيها أَرْبعين يَوْماً أو أربعين لَيْلَةً، كان له في الجنّة عَمُودٌ مِنْ ذَهَبٍ، عليه زَبَرْجَدَةٌ خَضْرَاءُ، عليها قُبّةٌ من ياقُوتةٍ حَمْرَاءَ، لها سَبْعُونَ أَلْف مِصْرَاعٍ من ذهَبٍ، على كُلِّ مِصْرَاعٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ العِينِ".
قال المصنف: هذا حديث موضوع لا شكّ فيه، فأول مَنْ فيه من الضُعفاء يَزيدُ بن أَبَان: قال شُعبة: لأَنْ أَزْني أحبُّ إلَيَّ من أن أُحدّث عنه. وقال أحمد: لا يكتب عنه شيء. وقال النسائي: متروك الحديث وقال ابن حبان: لا تحلّ الروايةُ عنه.
والثاني: الربيع بن صبيح، قال عفّان: أحاديثه كلها مَقْلُوبة، وضعّفه يحيى، وقال ابن حبّان: لم يكن الحديث من صِنَاعَتِهِ فوقَعَتْ المناكيرُ في حديثه من حيث لا يَشْعُرُ.
والثالث: دَاوُد بنُ المُحبّر. قال أحمد والبخاري: هو شِبْهُ لاَ شيء. وقال ابن المَدِيني: ذَهَب حَدِيثُهُ. وقال أبو حاتم الرازي: غير ثقة. وقال الدارقطني: مَتْروك وقال ابن حبّان: كان يضع الحديث على الثقات.
قال المصنف قلت: ولا أتّهم بوضع هذا الحديث غَيْرَهُ، والعجب من ابن ماجه مع عِلمه كَيْفَ استحلَّ أن يذكر هذا في كتاب السُنن، ولا يتكلّم؟! أتراه ما سمع في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رَوى عَنّي حديثاً يُرى أنه كَذِبٌ فهو أحد الكاذبين" أما عَلِمَ أنّ العَوَامّ يَقُولُون: لَوْ لاَ أَنّ هَذَا صحيح لَما ذَكَرَهُ ذلك العالِم فيعملون بمُقْتَضَاه، ولكنْ غَلَبَ عليه الهَوى بالعصبيّة للبَلدِ والمَوْطن!".
وقال الشيخُ سعد بن عبد الله آل حميد في كتابه (مناهج المحدثين، ص221، الناشر: دار علوم السنة للطباعة والتوزيع - الرياض):(ومن هذه الأحاديث الموضوعة حديث لا يُشَكُّ في وضعه، وهو حديث في فضل قزوين، أورده ابن ماجه رحمه الله؛ لأن بلده قزوين).
كلام الحافظ ابن الجوزي
كلام الشيخ سعد آل حميد